الثلاثاء، 8 فبراير 2011

اللغات الأخرى وارتباطها بالعربية

تضمّن الجزء الأوّل بيانا لمقصد المقالة، وسبب البحث في موضوعها، وتوضيحا لعلاقة اللهجات باللغة الفصيحة وأهميّتها، وتلميح ابن جنّي حول أصل وضع اللغة...
◄ وبيّن الجزء الثاني شرف اللغة العربيّة، وأنّها هي اللغة التي نزلت مع أبينا آدم عليه السلام، وأكّد انسجام اللغات (اللهجات) العربيّة مع اللغة الأمّ التي سادت قبل الإسلام...
3- اللغات الأخرى وارتباطها بالعربيّة:
أمّا ما كان من أمر اللغات الأخرى، التي ابتعدت كثيرًا في المكان والزمان عن اللغة الأمّ، أو تلكم التي ظلّت في الجوار قريبة من اللغة الأمّ، فإنّها اتّخذت شكلاً آخر لكلّ منها، فأمّا التي جاورت في أطراف الجزيرة -كالعراق والشام واليمن- فقد حافظت على نطق الحروف وأصواتها، وكان منها الآشوريّة والبابليّة والكلدانيّة في العراق، وكانت الآراميّة والسريانيّة والفينيقيّة في الشام، والحميريّة في اليمن، وكذلك الأمهريّة في الحبشة القريبة، وكانت العبريّة التي ربّما ازدهرت في العراق ثمّ رجعت إلى جزيرة العرب قبيل الإسلام، وظلّت هذه اللغات قريبة من اللغة الأمّ[1]، وأمّا اللغات التي ابتعدت أكثر فقد كان التغيير فيها أكبر وأكثر، فكانت اللغات التي أصبحت فيما بعد أجنبيّة عن اللغة الأصل، كالفارسيّة وما جاورها، والهنديّة القديمة والصينيّات البعيدة والإغريقيّة واليونانيّة، ثمّ باقي الأعجميّات في الأزمنة اللاحقة، والقاعدة أنّه كلّما بعُد المكان وطال الزمان زاد التغيير في اللغة الجديدة، وزاد بُعدها عن الأصل، وربّما تفرّع من اللغة الجديدة لغات جديدة كما حدث مع اللغة اللاتينيّة، وهكذا كانت نشأة اللغات الأخرى في الأرض على اتّساعها.
إلاّ أنّ هناك شيئًا واضحًا ما زال يجمع كلّ هذه اللغات، أو جلّها، وهو الأبجديّات التي تكاد تكون واحدة، فالنظام واضح في الاحتفاظ بترتيب زهاء نصف عدد حروف "الألفباء" في أبجديّات معظم هذه اللغات، والحروف الباقية تستطيع بسهولة أن تردّها إلى أصلها المقابل لها في الترتيب العربيّ، يساعدك في هذا تقارب المخرج والصوت والرسم! وتستطيع أن تدرك هذا بنظرة سريعة في بعض الأبجديّات الهندوأوربيّة (حسب تقسيم الدارسين المحدثين -بسوء نيّة- لشجرة اللغة!)، ومنها اللغات الجرمانيّة واللاتينيّة والسلافيّة، وفيها اختلافات تعتري أبجديّة عرق ما وتخلو منها أخرى، وهي بسبب تأثير البيئات المختلفة في جهاز النطق، أمّا ما يندرج من هذه اللغات تحت (أكذوبة الساميّات) فإنّ أبجديّاتها توافق الأبجديّة العربيّة تماما بسبب المجاورة في البيئة الواحدة، وما التشابه الكبير في خطّ بعض الحروف في هذه اللغات إلاّ دليل آخر على انحدارها من أصل واحد[2]!
ونحن نلاحظ أنّ أكثر لغات الناس اليوم تبدأ أبجديّاتها بحرف الألف على اختلاف نطقه من إمالة أو تفخيم، ويليه دائمًا حرف الباء، ولا شيء بينهما فيما رأيت من أبجديّات، ثمّ يلي الباء حرف الجيم على اختلاف وجوه نطقه في كثير من الأبجديّات، ثمّ حرف الدال، ومن هنا كان اسم "الألفباء" من أوّل حرفين، أو "الأبجديّة" نسبة لهذه الحروف الأربعة في العربيّة وفي غيرها؛ فإنّ معظم اللغات تسمّي هذا النظام الأبجديّ بأحد هذين الاسمين العربيّين، أو بما يشبه أحدهما في النطق[3]، احتفاظًا منها بالأصل، وهي بذلك تثبت الفضل لأهله!  
هذا، وإنّي ناظر إلى استعمال بعض الحروف التي يكتبها الفرس اليوم، لأكتب بها الأصوات في الألفاظ العامّيّة، فهي أفضل عندي وأقرب إلى العربيّة، وهي الحروف العربيّة زاد الفرس نقطتين على المنقوط منها، وهي الباء والجيم والزاي، وزادوا خطًّا فوق الكاف موازيّا للخطّ المائل، وهذه هي الحروف المقصودة مع بيان مقابلها في النطق باللغة الإنجليزيّة لانتشارها وسهولة القراءة بها، ومنها سأستعمل حرف (V)، ويكتب (ﭪ):
ﭙﻴﻪ (ﭙ ، ﭖ): ومخرجه مخرج الباء، إلاّ أنّه أثقل منه، بالضغط على الشفتين، وصوته بين صوتي الباء والفاء، وهما يأخذان مكانه في ترجمة أسماء الأعلام والمصطلحات أو تعريبها، ويقابله صوت الحرف (P) في الإنجليزيّة.
ﭽﻴﻪ (ﭽ ، ﭻ ، ﭺ): وأوّل قسميْ صوته بين الكاف والطاء والآخر هو الشين، ومخرجه بين مخرجي الطاء والشين، وصوته مزيج من صوتي الطاء الخفيفة والشين، تكون الطاء ساكنة والشين مقفلة ليس فيها التفشّي المعهود في صوتها، ويقترب صوت (ﭺ) من صوت نطق الحرفين  (Ch) في كلمة (Chair) بمعنى كرسيّ أو مقعد في الإنجليزيّة.  
ﮊﻴﻪ (ﮊ): ومخرجه بين مخرجي الجيم والشين، وصوته بين صوتيهما مع التفشّي، ويقابله صوت حرف (J) في الإنجليزيّة، وهو أقرب لنطق الجيم الشاميّة. 
ﮔﺎﻑ (ﮔ ، ﮕ ، ﮓ ، ﮒ): ومخرجه بين مخرجي القاف والكاف، وصوته بين صوتيهما، وينطق كالجيم المصريّة، ويقابله صوت حرف (G) في الكلمة (Guard) بمعنى حارس في الإنجليزيّة[4]، ذلك أنّ الحرف (G) ينطق كصوت الجيم في العربيّة إذا تبعه حرف (e) أو (i) أو (y).
ﭭـي (V) الإنجليزيّة (ﭭ ، ﭪ): ومخرجه من بين الشفتين مع قبض السفلى إلى الأسنان شيئًا قليلاً، وصوته بين صوتي الفاء والواو، وهما يأخذان مكانه في الترجمة والتعريب، والأوّل أقرب وأكثر استخداما[5]، ويقابله صوت الحرف (و) في الفارسيّة. 
*    *    *
إذن تبدأ الأبجديّة أو الألفباء بحرف الألف، ثمّ حرف الباء، ثمّ إذا ارتأى قوم زيادة حرف أو صوت شبيه بالباء وضعوه قريبًا منه، مثل الحرف (ﭖ) في الفارسيّة وينطق كالحرف (P,p) في الإنجليزيّة، ومثل الحرف (в,В) في الروسيّة[6]، وينطق كالحرف (V,v) في الإنجليزيّة، وسننظر في الأبجديّة الإنجليزيّة الحديثة من الرومانيّة (أو اللاتينيّة)، وفي الأبجديّة الروسيّة المعاصرة من الكيريليّة؛ فإنّ الأولى مشتهرة منتشرة لا يكاد يجهلها متعلّم، وأما الأخرى فقد عرفتُها بالدرس والتعلّم!
*    *    *
الحروف العربيّة وما يقابلها في الإنجليزيّة والروسيّة:
يقابل حرف الألف في الأبجديّة العربيّة الحرف (A,a) في الأبجديّة الإنجليزيّة، ويقابل الباء الحرف (B,b)، ويقابلهما في الأبجديّة الروسيّة الحرف (آ المفخّم: а,А) والحرف (بيه: б,Б) كما ترى في هذا الجدول:

الحرف في العربيّة
ما يقابله في الإنجليزيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ما يقابله في الروسيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
أ
A, a
=
а, А
=
ب
B, b
=
б, Б
=
ج
C, c
=
г ,Г
=
د
D, d
=
д Д,
=

ثمّ يأتي حرف الجيم، ويقابله في الترتيب الحرف (C,c) في الإنجليزيّة وفي كثير من الأبجديّات اللاتينيّة[7] والرومانيّة، وفي بعض أشكال نطقه نلمحه يقترب من الجيم، وليس من باب الصدفة أن أخذته التركيّة ليدلّ على حرف الجيم[8] العربيّ عندما تحوّلت إلى الكتابة بالحروف اللاتينيّة[9]، وهذا يعزّز مقابلته لحرف الجيم، وقد حصل في نطقه التغيير بسبب ظروف البيئة، كأن ينطق مثل الجيم المصريّة، وهو يشبه (ﮔﺎف: ﮒ)  في الفارسيّة (وقد يكون من تغيير لحق بحرف القاف أو حرف الكاف!)، ويقابل الجيم العربيّة حرف (ﮔﻴﻪ: г ,Г) في الأبجديّة الروسيّة[10]، وهذان الحرفان –( ﮒ وГ)- يقابلان في النطق الحرف (G,g) في كلمة (Garden) وتعني حديقة، وكلمة (Game) وتعني لعبة في الإنجليزيّة، وكذلك ينطق الحرف (C,c) جيما معطّشة (ﮊﻴﻪ: ﮊ) كما ينطقها أهل الشام اليوم، وفي الروسية حرف (ﮊﻴﻪ: ж,Ж) بالنطق نفسه، وإن تأخّر ترتيبه بعد حرفين[11]، ويقابل نطق حرف (J,j) في الإنجليزيّة، وقد ذكر سيبويه في كتابه هذين الصوتين وعدّهما من حروف اللهجات[12].
ثمّ يأتي الحرف الرابع وهو حـرف الدال، ويقابله حـرف (D,d) في الإنجليزيّة، وحـرف (دَِيه: дД,) في الروسيّة، وهكذا كانت (أَبْجَدْ)[13] في بداية معظم الأبجدياّت التي وقفت عليها[14]، ومن هنا كان اسم "الأبجديّة" الذي تحتفظ به بعض اللغات عَلمًا على هذا النظام، مثل الكرواتيّة والتشيكيّة، فالأبجديّة فيهما تسمّى (Abeceda)، ونلاحظ في هذا الاسم أنّهم حافظوا على ترتيب حروف (أبجد = A,B,C,Dِ) الساكنة[15]!   
ونترك هذه الأربعة الحروف إلى أربعة أخرى في النظام الأبجديّ لدى الجميع:


الحرف في العربيّة
ما يقابله في الإنجليزيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ما يقابله في الروسيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ك
K, k
=
к ,К
=
ل
L, l
=
л ,Л
=
م
M, m
=
м ,М
=
ن
N, n
=
н Н,
=

فنجد أنّ حرف الكاف يقابله حرف (K,k) في الإنجليزيّة، وهو حرف (كا: к,К) في الروسيّة، ويليه حرف اللام ويقابله حرف (L,l) في الإنجليزيّة، وهو حرف (إلْ: л,Л) في الروسيّة، وبعده حرف الميم ويقابله حرف (M,m)، وهو حرف (إمْ: м,М) في الروسيّة، ثمّ حرف النون ويقابله حرف (N,n) في الإنجليزيّة، وهو حرف (إنْ: нН,) في الروسيّة، وهي بهذا الترتيب في كلّ الأبجديّات التي اطّلعت عليها[16]، وتكوّن كلمة (كَلَمُن).
وإذا تجاوزنا هذه الحروف الأربعة في (كلمن) نجد بعدها أربعة ثالثة، وأوّلها حرف القاف ويقابله حرف (Q,q) في الإنجليزيّة وقريباتها، وقد أسقطته بعض اللغات التي لم تقدر على نطقه أو رأت فيه –لطول الزمان وبعد العهد- تكرارا لحرف  الكاف (=к,К) كاليونانيّة والروسيّة وكثير من أخواتها!

الحرف في العربيّة
ما يقابله في الإنجليزيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ما يقابله في الروسيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ق
Q, q
=
?
?
ر
R, r
=
р ,Р
=
ش
S, s
=
с ,С
=
ت
T, t
=
т ,Т
=

وبعد القـاف يأتي حـرف الراء، ويقابله حـرف (R,r) في الإنجليزيّة، وهو الحـرف (إرْ: р,Р) في الروسيّة، وينطق الراء في بعض اللغات (كالفرنسيّة مثلاً) شبيهًا بحرف الغين، وثالثهما حرف الشين ويقابله حرف (S,s) في الإنجليزيّة، وهو حرف (إسْ: с,С) في الروسيّة، ولكنّ الشين ينطق في اللغة الإنجليزيّة بتركيب الحرفين (Ch أو Sh) معًا، وفي الأبجديّة الروسيّة يوجد حرفان يدلّ كلّ منهما على صوت الشين: (شا: ш,Ш) وينطق شينا عاديّة، و(شّا: щ,Щ) وينطق شينا مشدّدة، وأظنّه من الترف اللغويّ! وأخيرًا حرف التاء ويقابله حرف (T,t) في الإنجليزيّة، وحرف (تَِيه: т,Т) في الروسيّة، وهذه الحروف تكوّن كلمة (قُرِشَتْ)[17].
فهذه اثنا عشر حرفا حافظت معظم الأبجديّات على ترتيبها ونطقها كما رأيت!
*    *    *
ونعود إلى الحروف الباقية في العربيّة وهي: (هـ، و، ز)، و(ح، ط، ي)، و(س، ع، ف، ص)، فنضع (هوّز حطّي) وما  يقابلها حسب ترتيبها في هذا الجدول:

الحرف في العربيّة
ما يقابله في الإنجليزيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ما يقابله في الروسيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
هـ
E, e
H, h?
е ,Е
?
و
F, f
O, o?
ё ,Ё
О, о?
ز
G, g
Z, z?
з ,З
=
ح
H, h
=
и ,И
=
ط
I, i
J, j?
й ,Й
=?
ي
J, j
I, i?
ж ,Ж
?и ,И

إنّ حرف الهاء يقابله حرف (إي: E,e) في الإنجليزيّة، وهو حرف (ييه: е,Е) في الروسيّة مع اختلاف يسير في النطق، فهل هناك ما يجمعهما غير مكانهما الأصليّ في الأبجديّة العربيّة؟! ولماذا لا يقابله حرف (H,h) في الإنجليزيّة؟ وهو في تصوّرنا أقرب من حرف (E,e)، وينطق بعض اللغات هاء مثل الهاء العربيّة! ولكنّ حرف (H,h) سيقابل حرف الحاء، فلننظر في حرف الهاء وحرف (E,e) مرّة أخرى: حاول أن تنطق صوت الهاء ساكنًا، نعم، اجعل قبله همزة مكسورة كما فعل سيبويه وابن جنّي، إنّ الصوت الآن هو (إهْ)، وهو قريب جدًّا من صوت (E,e)! أمّا حرف الواو فيقابله حرف (إف: F,f)[18]، وفي الروسيّة (يُو: ё,Ё) بواو مفخّمة، وكلاهما شفويّ المخرج، فهما متقاربان، وإن ظننّا أنّ حرف (О,о) في الأبجديّتين أقرب، ولكنّه سيقابل حرف العين بإصرار؛ ففي كثير من الأبجديّات يقابل الحرف (O,o) حرف العين في الترتيب! وأمّا حرف الزاي فيقابله في الإنجليزيّة حرف (جِي: G,g)، وفي الروسيّة (زَِيه: з,З) أو (ژيه: ж,Ж)[19] بالجيم المعطّشة، وتقاربهما مع الزاي ليس مستنكرًا، يدلّك عليه نطق الأطفال وبعض كبار السنّ زايا بدل الجيم[20]!
*    *    *
هذا في (هوّز)، أمّا في (حطّي) فنجد أنّ حرف الحاء يقابله حرف (H,h) ولا غبار عليه؛ فقد أصبح يُعلّم في المدارس بصوت (إهْ!)، وكذلك في الروسيّة (إي: и,И)، أمّا حرف الطاء ومقابله حرف (آي: I,i) فإنّ تقارب مخرجيهما يغني عن الكلام فيهما، ويقابله في الروسيّة (إيّْ: й,Й) من مخرج قريب، وحرف الياء يقابله في الإنجليزيّة حرف (ژيه: J,j) بالجيم المعطّشة، ولا غرابة في ذلك؛ لأنّ حرف   ( J,j)اسمه في الألمانيّة واليونانيّة (يُطّّهْ أو يُتا) وينطق ياء، وكثيرًا ما ينطق في لغات أخرى ياء، واسم بنيامين (Benjamin) وسراييفو (Sarajevo) ويافا (Jafa) من الشهرة بمكان[21]! ويقابل الياء حرف (ژيه: ж,Ж) في الروسيّة، وتبدل الجيم ياء في دول الخليج الفارسيّ العربيّة.
وأمّا كلمة (سعفص) فنضع حروفها وما يقابلها في الجدول الآتي:

الحرف في العربيّة
ما يقابله في الإنجليزيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
ما يقابله في الروسيّة
ما نتصوّر أنّه يقابله
س
?
C, S?
?
?с ,С
ع
O, o
=
О, о
=
ف
P, p
F, f?
п ,П
?ф ,Ф
ص
?
?
?
?

إنّ حرف السين ليس له ما يقابله في الحروف الباقية، وإن كان الأولى أن يقابله حرف (إسْ: S,s) أو حرف (سِي: C,c) في الإنجليزيّة، ولكنّ الأوّل ذهب مع الحرف المقابل له في (قرشت)، وهو حرف الشين، وذهب الآخر مع المقابل له في (أبجد)، وأعني حرف الجيم، وكذلك الحال في الروسيّة، فقد ذهب حرف (إسْ: с,С) مع شين قرشت، وقد عرفنا أنّ صوت الحرف (شا: ,шШ) في الروسيّة هو الشين العربيّة، فهو ليس من السين العربيّة في شيء!
وأمّا حرف العين فيقابله حرف (O,o)[22] في الإنجليزيّة وهو نفسه (О,о) في الروسيّة، وكذلك في كثير من الأبجديّات التي رأيت، ولا يخفى عليك ما بين العين –بصورة الحرف المكتوب والحاسّة المبصرة- وحرف (O,o) من تشابه، وعلينا أن نتذكّر صعوبة إخراج حرف العين لدى الأقوام الأخرى[23]!
ويقابل حرف الفاء حرف (ﭙـي: P,p) في الإنجليزيّة، وإن كان حرف (أف: F,f) أولى منه، ولكنّ هذا ذهب مع مقابله حرف الواو، كما أنّ حرف (P,p) شفويّ ويجمعه وحرف الفاء المخرج نفسه، إلاّ أنّ حرف (P,p) يكون بإطباق الشفتين وضغطهما قليلاً، لينماز من حرف الباء وحرف (بي: B,b) وهو قريب منهما، أمّا حرف الفاء فينطق بانفراج بين الشفتين ومساعدة الأسنان الأماميّة لتسهيل مرور الهواء، فهما -حرف الفاء وحرف (P)- متقاربان، وبالفاء كتبت العرب الأسماء التي تشتمل على حرف (ﭖ =P )، مثل: أصفهان، وهذه الصيغة أشهر من: أصبهان! ولنتذكّر أنّ بعض اللغات تؤلّف حرف الفاء من تركيب حرف (P) مع حرف (H)، ويقابل الفاء في الروسيّة حرف (ﭙـيه: п,П)، وفيها يوجد حرف (إف: ф,Ф)، وهو أولى من (ﭖ = п,П)، ويأتي حرف (ф,Ф) متأخّرا في الترتيب، ويمكن أن يقال فيه ما قيل في حرف (أف: F,f).
وأمّا حرف الصاد فلا مقابل له في الإنجليزيّة أو في الروسيّة[24].
إنّ تصوّرَنا لحرف يوضع بدل الحرف الموضوع في الأبجديّة يخضع لرأينا القاصر؛ فنحن لسنا من أهل تلك اللغة، وإن هو إلاّ ظنّ منّا وتخمين، ولكنّ أصحاب اللغة أدركوا حتما السرّ في وضعهم هذه الحروف بهذا الترتيب، وهو ترتيب كما رأينا لم يبعد عن الأصل العربيّ إلاّ في حروف قليلة! ذلك أنّ الحروف هي الأصل الذي يعتمد عليه أهل اللغة، فهم لا يسمحون لهذه الحروف بأن تضيع أو تنسى أو تتغيّر كثيرا، اللهمّ إلاّ ما يعتري نطقها من تغيير بتأثير الزمن والعوامل البيئيّة المتغيّرة!
إنّ ترتيب الأبجديّة هو: (أَبْجَدْ هَوَّزْ حُطِّي كَلَمُنْ سَعْفَصْ قُرِشَتْ)، واختصّت العربيّة بستّة حروف وهي: (ثَخَذٌ ضَظَغٌ)[25]، ولا تستوعبها أيّ لغة أخرى! نعم، قد تجد بعضها في لغة ما، فالثاء والخاء موجودان في الإسبانيّة، والخاء موجود في الألمانيّة وفي الروسيّة واليونانيّة وقريباتهما، والثاء والخاء والذال موجودة في الإنجليزيّة، ولكن بتركيب في الحروف، وصوت الغين تنطقه الفرنسيّة مكان الراء، كلّ هذا صحيح، ولكنّي قصدت أنّها لا تجتمع معًا في غير العربيّة، وقد يمكن لواحد من أصحاب اللغات الأخرى أن يفخّم صوت الذال فيقترب به من صوت الظاء، أو يفخّم صوت التاء فيقترب على استحياء من صوت الطاء، ولكنّك لن تجد أحدًا يستطيع أن ينطق حرف الضاد ولو سخّر في ذلك كلّ طاقته، فتأمّل ترشد يحفظك الله!
ولفتت انتباهي معلّمتي الروسيّة (د. سكالوﭭﺎ) ذات مرّة، عندما قالت إنّ العرب هم أقدر الناس وأسرعهم في تعلّم اللغات الأجنبيّة! أدركتْ هذا يوم كانت تتعلّم اللغة الفرنسيّة ثمّ الإنجليزيّة، وأخبرت أنّها وزملاءها من غير العرب كانوا يجدون صعوبة في نطق بعض الحروف، في حين كان الطلاّب العرب ينطقون كلّ الحروف بيسر وسهولة كأهلها!
وقد وجدنا في الروسيّة حرفًا لا يستطيع نطقه إلاّ من يعاني من تضخّم اللوزتين، وهذا أمر معروف عند الروس، أعاذنا الله وإيّاكم من كلّ مرض، ولكنّنا كنّا نحسن نطقه ببعض التدريب، وهو الحرف (ы,Ы)، وأشير إلى أنّ بداية نطق هذا الحرف تشبه -إلى حدٍّ ما- بداية نطقنا لحرف الضاد ساكنًا: إضْ، وهي الهمزة المفخّمة بين الفتح والكسر، ثمّ نتبع هذه (الهمزة المفخّمة) بياء مفخّمة مشدّدة موقوفًا عليها!
وقد وصف سيبويه مخارج الحروف والأصوات العربيّة، في الفصيحة وفي لهجاتها المختلفة، فوصل عدد الحروف عنده إلى اثنين وأربعين حرفًا[26]، وأظنّه لو تقصّى لزاد العدد، ولكنّ الأبجديّة العربيّة اقتصرت على أبجديّة اللغة الأصليّة الأولى، ولم تحتفظ بحروف (اللغات) اللهجات الأخرى، والزيادة جاءت من تغيير النطق وأسباب غيره، فتأمّل قدرة الله سبحانه وتعالى ترشد إلى إكرامه العرب واختصاصهم بهذه الفضيلة، فضيلة القدرة على نطق مختلف الحروف والأصوات، والحمد لله على نعمه الكثيرة.
*    *    *
ويدور في خاطري -على ما بيّنت- أن أسال عن وجود حرفي (C) و(S) معا في كثير من اللغات، فكلّ منهما ينطق سينًا، وأحدهما يغني عن صاحبه! وقد يستعمل الأوّل منهما لنطق صوت الكاف في الإنجليزيّة، وعندهم حرف (K) ينطق كافًا بنفسه، فلا حاجة للاستعانة بحرف(C)، وقد يركّب (Ch) لنطق الشين أو الخاء أو ﭽﻴﻪ الفارسيّة، كما أنّ تركيب (Ck) يستعمل لنطق الكاف، ومثل ذلك (Ca,Co) فالنطق هنا كاف! أمّا الآخر فيستعمل مركّبًا (Sh) لنطق صوت الشين، وإن كان ينطق شينًا في لغة أخرى كالألمانيّة إذا ما تلاه حرف التاء عندهم، مثل: شتراوس (Strauss)، وشتوتجارت (Stuttgart).
وكذلك أسأل عن وجود حرفي (K) و(Q) معًا، وكلاهما ينطق كافًا، وإن كان الأوّل يستعمل مركّبًا (Kh) لنطق صوت الخاء، ولكنّ أحدهما يغني عن صاحبه أيضًا!
وتأتي الإجابة واضحة بيسر وسهولة، ودونما تكلّف: أمّا الحرفان (C) و(S) فأحدهما سين والآخر شين في العربية، وعلينا أن نلاحظ أن الجيم والشين يخرجان من مخرج واحد، وأنّ الحرف (C)  يقابل الجيم في الأبجديّة، وأمّا الحرفان (K) و(Q) فأحدهما كاف والآخر قاف في الأبجديّة العربيّة! فلعلّ في هذا ما يشير بل يؤكّد أنّ العربيّة هي أمّ اللغات جميعًا.
وتساؤل ثالث: لماذا تلجأ اللغة إلى نطق صوت ما من تراكيب مختلفة؟ ألا يكفي تركيب واحد -إن لم يكن فيها حرف واحد- للصوت الواحد؟ ونمثّل لصوت الشين، فهو ينتج من تراكيب (Ch) و(Cie) و(Cio) و(Sh) و(Tie) و(Tio)، وقد يكون لديهم غير هذه التراكيب لصوت الشين، ويلاحظ أنّ اللغة الروسيّة وأخواتها جعلت في الأبجديّة حرفًين يدلاّن على هذه الشين، وهما حرف (Ш)، وكذلك الحرف (Щ) للشين المشدّدة، وكذلك جعلت الحرف (Ч) لنطق صوت (Ch) أو (ﭽﻴﻪ) في الفارسيّة، وحرف (Ц) في الروسيّة والأبجديّات الكيريليّة يقابل نطق التاء مع السين (تْسْ) أو (Ts)، أو (Z) في الألمانيّة فاسمه ينطق (تْسِت)، وهذا الصوت  من أصوات العربيّة؛ سمعته في منطقة القصيم في السعوديّة، وينطق بدل الكاف؛ يقولون للبنت: (أبوتْس، وأخوتْس) في: أبوك وأخوك، ويقولون: (تْسَلْب) في: كلب!
وممّا يثير التساؤل عن بعض اللغات أنّ حرف الفاء موجود في أبجديّتها، ولكنّها تلجأ إلى الحصول على صوت الفاء بتركيب حرفي (Ph) مرّة، في مثل (Telephone) لجهاز الهاتف، وتنطق: (تِلِفون =Telefone )، وحرفي (Gh) مرّة أخرى، في مثل: (Lough) بمعنى: يضحك، وتنطق: (لافْ = Laf) بالفاء، رغم وجود حرف (F) عندهم وهو يفي بهذا الغرض، فهل يعزى مثـل هـذا إلى نقص في لغة القوم؟ أم أنّ مردّه علمهم القديم أنّ حـرف (F) موضـوع ليقابل حـرف الواو فتركـوه له؟! ومع ذلك فإنّك تجدهـم يهملون الحرفين (Gh) في نطق بعض ألفاظهم مثل: ((Neighbor وتلفظ: (نَِيبر) بمعنى الجار والقريب، و(Daughter) وتلفظ: (دوتر) بمعنى ابنة أو بنت، و(Night) وتلفظ: (نايْتْ)[27] بمعنى: الليل والليلة، وهم يجعلون التركيب (Th) لنطق الثاء في مثل (Thank) بمعنى الشكر اسما وفعلا، ولنطق الذال في مثل (That) وهي اسم الإشارة للبعيد ولها معان أخر، وأداة التعريف (The)، ولعلّ فيها شيئا من لفظ اسم الإشارة "ذا وهذا" في العربيّة!  
وما أكثر التساؤلات إن شئنا أن ننظر في الأبجديّة الإنجليزيّة أو في أبجديّات ولغات أخرى، ولكن فيما تقدّم إشارة، وربّما كانت أبلغ من عبارة!
إنّ الفائدة المرجوّة من الأبجديّة أن تكتب الأصوات المنطوقة في اللغة، ولكن من غير حاجة إلى إظهار الصوت بتركيب الحروف، كما يصنع في حروف اللاتينيّة (Ch, Ck, Gh, Kh, Ph, Sh, Th…مع أنّ فيها حرفًا يدلّ في الكلام على صوتين، كحرف (X) الذي ينطق (إكْس = Eks)، ففيه الكاف (K) والسين (S)، وهما من حروف الأبجديّة، فهذا ترف كبير مقابل حاجة الأصوات الأخرى إلى حروف تدلّ عليها[28]! وهو يردّ إلى نقص في الأبجدية التي تحوي حرفين يدلاّن على صوت واحد، وهما الحرفان (C) و(S) لصوت السين، والحرفان (K) و(Q) لصوت الكاف كما بيّنت لك! وكذلك ترى الأبجديّة تكرّر حرف ( U = يو) لتصنع حرف (ًW = دَبْلْيو)، ولعلّه من أثر تشديد الحرف في اللغة الأصل[29]! فهذه الأبجديّة وغيرها حدث فيها كثير من التخبّط والاضطراب؛ إذ إنّها ابتعدت كثيرا عن الأصل حتّى لتوشك الصلة بينهما أن تختفي، وكيف تكون الأبجديّة ناقصة مضطربة وهي أساس الكلام؟ والمضحك المبكي أنّ إحدى لغات هذه الأبجديّة توصف بأنّها لغة عالميّة!
*    *    *
وبعد، أفلا يصحّ أن نطمئنّ إلى أنّ هذه اللغات كانت لهجات تفرّعت يومًا من العربيّة الأصل؟ ثمّ إذا طال الزمان بها، وبعدت الشقّة قلّ التأثير وذهب أكثر الأصل، واصطلح على لغة جديدة تعتمد على الأصول القديمة، ولا بدّ أن نلاحظ ترتيب الحروف في الأبجديّات[30]، فإنّ في المحافظة على هذا الترتيب لسرًّا عجيبًا، وهو يدلّ على أنّ لهذه الأبجديّات أصلاً واحدًا غذّاها جميعًا، وليس هو "الفينيقيّ" كما يراد له أن يشيع في الناس[31].        
وهذا كبعض النبات الذي يمكن أن يتكاثر وينتشر بغصن يمتدّ بنفسه إلى الأرض، أو ينقل بعناية فيوضع في مكان آخر، فهو ما يزال يشبه الأمّ، وإذا تابعنا نقله بهذه الطريقة من مكان إلى أبعد ثمّ إلى أبعد، في ظروف بيئيّة متغيّرة، فإنّ هذا الغصن سيتكيّف -بقدرة الله- مع ظروفه المتغيّرة، فيصبح نبتة جديدة تشبه إلى حدّ ما الأصل من وجوه، وهذا شيء أصبح معروفًا في علم النبات، وما نراه اليوم من تطوير وتهجين لبعض الأنواع يشبه إلى حدّ ما تطوّر اللغة المنتقلة والله أعلم، ولكنّ علماء النبات يسجّلون ما يكون فيه من تجارب ونقل ووصف ونظر ومتابعة، أمّا اللغات فلم يكن أحد يعنى فيها بمثل هذا، وكلّ يريد لغته، والأجيال لا تحتفظ بالأصول كثيرًا، وهي سنّة الحدثان، ولكنّ أمر الله سبحانه وتعالى ماض: )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ([32]، وأعني بقاء العربيّة الأصل إلى اليوم -وإلى ما شاء الله- على حالها.
واعلم أنّ للشاعر الروسيّ (بوشكين) قاموسًا خاصًّا بلغته، اسمه "قاموس بوشكين الأدبيّ"، إذ لا يُحسن الروس أنفسهم اليوم قراءة إنتاج هذا الأديب إلاّ بمساعدة قاموسه، وهو من أشهر أدبائهم المعاصرين، ولكنّ ألفاظه ومعانيها تغيّرت تغيّرًا كبيرًا في أقلّ من مائة سنة! وكذلك شكسبير، فإنّ أدبيّاته لا تقرأ اليوم بسهولة في لندن، فهي تترجم من إنجليزيّة شكسبير -قبل حوالي أربعمائة سنة- إلى إنجليزيّة اليوم ليفهم أهل لندن عنه ما قال، ولكنّنا نقرأ شعر امرئ القيس وأصحابه، وخطب الجاهليّين وأمثالهم، كما نقرأ مؤلّفات الجاحظ، وشعر المتنبّي، ومؤلّفات السيوطيّ، وأدبيّات أحمد شوقي، ولا نحتاج إلى كبير عناء لفهم ما قالوا، وبين الأوّل والأخير خمسة عشر قرنًا من الزمان، وإنّها للغة شريفة، إنّها لغة لقرآن!        
*   *   *




[1] ومن هنا كان إطلاق مسمّى (اللغات الساميّة) المفترى كذبا على هذه المجموعة، وقد جعلوا العربيّة واحدة منها، ثمّ نسبوا الجميع إلى اللغة الساميّة الأمّ في افتراض غيبيّ غبيّ مشين، يدلّ عليه أنّهم يصرّحون بعدم وجود أي نصّ مكتوب بهذه الساميّة الأمّ، وما كان هذا الأمر إلاّ لأنّهم لا يريدون الاعتراف بأن العربيّة هي أمّ اللغات جميعا لسبب واضح عندهم؛ فلو اعترفوا بالعربيّة أصلا -وهي لغة القرآن الكريم- للزمهم الإيمان بالإسلام، وهم لا يريدون هذا!
[2] انظر الهامش رقم (3) في الجزء الثاني، أمّا كتابة الأبجديّات التي بعدت وانقطعت عن مكّة فلا بدّ أن تتطوّر صورتها وتتغير، ولكنّها ستحتفظ باسمها كما ستحتفظ بالترتيب الصوتيّ الأوّل أي الأصل، وهو ما ستلاحظه الآن.
[3] فهي في الفارسيّة: (ألفباي)، وفي التركيّة: ( ألفابيه = Alfabe)، وفي الإنجليزيّة والفرنسيّة والألمانيّة ولغات أخرى: (ألفابيت = Alphabet)، وفي الإسبانيّة والبرتغاليّة والإيطاليّة: (ألفابيتو = Alfabeto)، ومثلها في اليونانيّة: (ألفابيتو = Αλφαβητο)، وفي الروسيّة: (ألفاﭭيت = Aлфавит)، مع أنّ اسم الحرف (A) في هذه اللغات ليس فيه حرف الفاء وحرف اللام، عدا اليونانيّة التي تسمّيه: (ألفا = Αλφα)، والألفباء في التشيكيّة والكرواتيّة وغيرهما: (أبيسيدا =Abeceda )، وهي كما ترى ترجمة لكلمة "الأبجديّة" العربيّة! ولأنّ الشيء بالشيء يذكر، أشير إلى أنّ هذه اللغات تسمّي هذه الأرقام (987654321...) باسم "الأرقام العربيّة" في حين ينعتها كثير من العرب بـ"الأجنبيّة" جهلاً منهم بأصلها العربيّ، بل إنّ منهم من يسمي الصورة اأخرى للأرقام (987654321) بالهنديّة، وكلتا الصورتين عربيّة تطوّرت عن الحروف (ا ب ج د ه و ز ح ط)! كما أنّ الصفرالعربيّ دخل معظم اللغات باسمه العربيّ مع تحوير يسير ليناسب الناطقين الجدد!
[4] تواجهنا في كتابة هذا الصوت في الأسماء والمصطلحات المعرّبة مشكلة الاتّفاق على الحرف العربي المناسب؛ مثل: اليوجا واليوغا في رياضة النفس، وجول وقول في الهدف، والجير والقير في ناقل الحركة، وجروب وقروب وكروب في المجموعة، والسجائر والسكائر،  كما أنّ محرّك البحث الشهير (Google) يكتب تعريبه: جوجل وغوغل وقوقل، والحرف () الفارسيّ هو الأنسب في كلّ!
[5] والملاحظ أنّ الأعاجم إذا أدخلوا في لغاتهم اسما عربيّا أو لفظة فيها واو –كولد ومروة– فإنّهم يجعلون مكان الواو حرف (V)، والأبجديّات التي تكتب بالحرف العربيّ تسمّي الواو (ﭭﺎﭪ).
[6] تكتب الروسيّة وقريباتها بالحروف الكيريليّة أو السيريليّة. (انظر الملحق الرابع أو "الأبجديّة الروسيّة" في شبكة المعلومات العالميّة على هذا الرابط: http://arabic.rt.com/news_all_info/32639).
[7] وكان ينطق فيها مثل الكاف العربيّة!
[8] واسم الحرف (c): (جيم =cim ) وترتيبه الثالث في الأبجديّة، فالجامع -مكان الصلاة-  يكتب (Cami) ولفظها جامع، مع ملاحظة تغيّر نطق العين، وقد ألحق به في الأبجديّة الحرف (ç) الذي ينطق مثل (چ) في الفارسيّة، ويقابله نطق الحرفين (ch) معًا في كلمة (chair) وهي كرسيّ في الإنجليزيّة، ومثله في الصوت حرف (ч) في الروسيّة، وينطق(تْشَِيهْ).
[9] وذلك في عام 1927م على يد الهالك مصطفى كمال أتاتورك الذي أطاح بدولة الخلافة الإسلاميّة العثمانيّة.
[10] ويتغيّر نطق هذا الحرف في بعض أحواله فينطق مرّة خاءً معجمة، ومرّة (ﭪ)، وهذان الحرفان موجودان عندهم في الأبجديّة!
[11] جرى على الأبجديّة الروسيّة تغييرات كثيرة منذ أن أعيد ترتيب حروف الأبجديّة عام 863م، وقد جدّدت عام 1708م، وأقرّ التجديد عام 1710م، وكان آخر إصلاح للأبجديّة الروسيّة في عامي 1917 – 1918م، وقد ألغيت حروف وأضيفت أخرى في هذا الإصلاح الأخير. (انظر الملحق الرابع).
[12] وذكر أصواتا أخرى ممّا كانت العرب تنطق في لهجاتها، ووصل عدد الحروف عنده إلى اثنين وأربعين حرفا. (انظر باب الإدغام في الكتاب لسيبويه وكذلك المقتضب للمبرّد).
[13] مثل الإنجليزيّة (A,B,C,D)، والروسيّة (Д,Г,[В],Б,А)، واليونانيّة (Δ,Γ,Β,Α)، وفي التركيّة: (,D[Ç]A,B,C,)، وقد يتخلّلها في لغات أخرى حروف مثل: (پ,ڀ,ڃ,ڄ,چ,ڇ,ڈ,ډ,ڋ) و(Á,Â,Ã,Ä,Å) و(Ѓ)  و(Ć,Ĉ,Ċ,Č) و(Ð,Ď)...  .
[14] كنت أسأل طلاّبي من غير العرب في جامعة الملك سعود بالرياض أن يكتبوا أبجديات لغاتهم فأنظر فيها، وللتعرّف على أسماء الأبجديّة في لغات أخرى انظر الملحق الخامس.
[15] الحروف الساكنة -وتسمّى الصامتة- هي ضدّ حروف العلـّة الممدودة والحركات القصيرة.
[16] وهي في الإنجليزيّة وفي كلّ اللاتينيّات، وفي اللغات التركيّة الجديدة (K,L,M,N)، وهي بالترتيب نفسه في الروسيّة وأخواتها (Н,М,Л,К)، وكذلك في اليونانيّة (Ν,Μ,Λ,Κ) وجلّ اللغات الأخرى، وقد يتخلّلها في بعض الأبجديّات رسم أو أكثر لحرف منها مثل: (ڭ,ڮ,ګ,ڪ,ڸ,ڷ,ڹ,ں,ڻ) و(L,M,N) و (Н,М,Л) المخفّفة والمفخّمة، و(LL) المكرّرة لتشبه اللام المشدّدة، وكذلك (ĹĻĽĿŁ)، و(ŃŅŇÑ)  و(ĶЌҜҚ)... 
[17] فهي في الإنجليزيّة (Q,R,S,T)، وهي بالترتيب نفسه خلا القاف (Q) في الروسيّة (Т,С,Р)، وفي اليونانيّة (Τ,Σ,Ρ).
    وأذكر أنّني كنت في السنة الثالثة في كلّيّة الألسن، عندما جاء لتدريسنا المعلّمتان د. ناديجدا سكالوﭭا ود. رئيسة طاش محمّدوﭭا، وهما من أوزبكستان، فطلبت إلى د. سكالوﭭا أن تسمعني محادثة باللغة الأوزبكيّة، فنادت د. رئيسة التي استغربت طلبي وسألتني إن كنت أعرف الأوزبكيّة، فأجبت بالنفي، فتكلّمتا قليلاً، وميّزت من كلامهما حرفي القاف والغين، تنطقانهما كما ننطقهما نحن العرب تمامًا، والحرفان في الأبجديّة الأوزبكيّة الحاليّة التي تكتب بالحروف الكيريليّة: القاف يقابله الحرف (қ)، والغين يقابله حرف (ғ)، وفي أبجديّتهم اللاتينيّة اتّخذوا حرف (Q) للقاف وحرف (G') للغين! أمّا الحاء فيقابله الحرف (ҳ) السيريليّ والحرف (H) اللانينيّ، وكانت د. رئيسة ذات الأصل الأوزبكيّ تنطقه حاء مثلنا، أمّا د. سكالوﭭا ذات الأصل الروسيّ فلم تكن تحسن نطقه، وكانت عندما تناديني تنطق اسمي بالخاء، وإذا نبّهتها إلى الحاء كانت تقول إنّها لا تستطيع نطقه، مع أنّها في أيّام الشتاء الباردة كانت تقول (أحْ) مثلنا، وكانت تنطق الحاء كما ننطقه تمامًا، وإذا لفتّ انتباهها إلى هذا وطلبت إليها أن تنطق اسمي بالحاء تعود فتعتذر بعذرها السابق! وقد أخبرني الدكتور مرتضى سيّدعمروف -صديقي الأوزبكيّ- بعد أكثر من عشرين عاما أنّ هذه الحروف الثلاثة (الحاء والغين والقاف) توجد في الكلمات المقتبسة من العربيّة، وتنطق كما هي في العربيّة، "ولكنّ حرف الحاء باللهجة الطشقندية ينطق مثل الخاء" كما قال!
وتتخلّلها حروف مثل: (ڨ,ڧ,ڠ,ڑ,ړ,ڔ,ڜ,ٹ,ٺ,ټ) و(Қ,Ғ,Ґ,Ќ) و(Ś,Ŝ,Ŝ,Ş,Š)  و(Ţ,Ť,Ŧ)...
[18] أمّا حرف (W) وينطق في الألمانيّة مثل حرف (V) في الإنجليزيّة، فهو ليس من الواو في شيء، وإن قابله في الترجمة والتعريب!
[19] علما بأنّ الحرف (Ж) هو الأوّل ويتلوه (З) الذي ينطق كالزاي، وهذا ما يجعلنا نفضّله لمقابلة الزاي! 
[20] في لهجة أهل عنيزة في منطقة القصيم بالسعوديّة تنطق الـﮔاف (المحوّلة عن القاف) زايًا، ففي السنة القابلة يقولون: (الزابله)، وفي قد فعلت يقولون: (زد)، فنطقهم الزاي بدل القاف يساند ما نحن بصدده الآن!
[21] في بعض لهجات أهل الخليج يبدلون الجيم ياءً، فيقولون: (رِيّال في رجّال) وهي رجل، ويقولون (وَيْهك) في وجهك، ويقولون (وايِد في واجد) بمعنى كثير، وهم الذين يبدلون القاف جيمًا فيقولون (الطريج) في الطريق، ويقولون (صِدْجْ) في صدق، و(رفيجي) في رفيقي، ونتذكّر اللهجة العربيّة التي تبدل الياء جيمًا في مثل قولهم: هذا راعِج خرج معِج، أي: هذا راع خرج معي! فالتبادل بين الجيم والياء ليس مستهجنًا ولا غريبًا على اللغة.
[22] وهذا الرمز (o) صورة واضحة للحفاظ على أصل كتابة حروف الأبجديّة، فهو تطوير للرسم الأوّل الذي كان يشبه صورة العين (الحدقة الدائريّة) في الإنسان، ونتذكّر أيضا أن شكل حرف العين (عـ) فيه شبه من صورة العين، وما زال الخطّاطون يسمّون الجزء العلويّ من الحرف "حاجب العين"!
[23] وهناك إشارة لطيفة من الدكتور كمال بشر حيث قال: "والعين في اللغة العربيّة تمثّل مشكلة حقيقيّة لغير العرب، ومن النادر أن يستطيع واحد منهم نطقها بصورة صحيحة"! علم اللغة العام – الأصوات، كمال محمّد بشر، دار المعارف بمصر، الطبعة السابعة، 1980م، ص 121. أقول: لعلّ صعوبة نطق العين عندهم –مع لزومها- جعلتهم يحافظون على صورتها الأولى في مكانها، والله تعالى أعلم.
[24] وقد تحايلت الألمانيّة على إيجاد صوت قريب منه، وهو صوت حرف (ß) واسمه: (إستَِدْ)!
[25] واعلم أنّ حرف لام ألف (لا) من حروف العربيّة فلا ينبغي لنا أن نغفله، وبه يكون عدد حروف الألفباء عندنا تسعة وعشرين حرفُا، وهو قبل الياء في الترتيب.
[26] الكتاب لسيبويه، باب الإدغام 2/404، وهي عند المبرّد في المقتضب خمسة وثلاثون حرفا، باب مخارج الحروف 1/328.
[27] قرأت مرّة أنّ الأمريكان ضاقوا ذرعًا بهذه الحال، فهم يطالبون بحذف مثل هذه التراكيب من الاستعمال، وكذلك فكّروا بإسقاط الحروف التي لا تنطق من ألفاظ اللغة عندهم، وما أكثر هذه الحروف في اللغة الإنجليزيّة مثل: (Half)  بمعنى النصف أو شطر الشيء، ولا يلفظ حرف (L) في هذه الكلمة، و(Castle) بمعنى القصر أو القلعة، و(Listen) بمعنى يسمع، ولا يلفظ حرف (T) فيهما، ومثل هذا كثير في الإنجليزيّة!
[28] وقد أرسل إليّ الدكتور مرتضى سيّدعمروف صورة الأبجديّة الأوزبكيّة بالحروف الكيريليّة واللاتينيّة، وهي في الكيريليّة خمسة وثلاثون حرفًا، وفي اللاتينيّة تسعة وعشرون حرفًا، فوجدت أنّ حرف (ﭺ) -وهو الـﭽـاف الفارسيّ- يقابله الحرفان (ch)، وكذلك حرف الشين يقابله الحرفان (sh) في الأبجديّة اللاتينيّة، وكانت اللغة الأوزبكيّة وأخواتها تكتب بالحروف العربيّة!
[29] ونجد مثل هذا التشديد في الأبجديّة الروسيّة، ففيها حرف (Ш = شا) وهو الشين، ويليه الحرف (Щ = شّا) وهو الشين المشدّدة!  
[30] وفي العصر الحديث اصطنعت لغة الاسبرانتو (Esperanto)، وقد حافظت على الترتيب المعهود للأبجديّة!
[31] سألت الأستاذ الدكتور حسن ظاظا -غفر الله له- عن سرّ التشابه في الأبجديّات المختلفة فقال: لأنّها كلّها من أصل واحد وهو الأبجديّة الفينيقيّة، ولعلّ هذا بسبب تأثّره بالمذاهب الغربيّة في دراسة أصل اللغات، ويلجأ أصحاب تلك المذاهب إلى هذا القول هربًا من الإقرار بالأصل العربيّ لكلّ اللغات!
[32] سورة يس:82.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق